العدول فى سورة محمد /كتب :- رامى عامر
كتب / رامي عامر
العدول هو صرف البنية عن الأصل إلى مقابل فرعى رغبة فى دلالة معينة ، أو هو قياس لغوى كان السياق عليه إلا إنه تُرِك وعُدِل عنه إلى غيره لعلة.
ومن شواهد العدول فى سورة محمد أن الحرف المسيطر على آيات السورة هو صوت الميم ، الذى يدل على الضم والجمع وهذا واضح فى السورة حيث إنها تتحدث عن جماعة المؤمنين وجماعة الكافرين ، ثم يأتى إعلان الحرب والقتال بينهما ، وفى هذا يحدث الجمع والقتال الذى يدل عليه صوت الميم.
وإذا نظرنا لقوله تعالى "أم حسب الذين فى قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم" فنجد أن صوت الحروف فى كلمة أضغانهم لها دلالة واضحة ، فعلماء اللسانيات يقولون إذا اجتمعتا الضاد والغين فاء وعينا لكلمة واحدة دلتا على معنى متقارب ، وهو الشئ الكامن فى الخفاء وهذا ما لا نجده فى كلمة أحقاد التى تعطى نفس المعنى.
وفى قوله "الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم" جاءت كلمة أعمالهم بالجمع ، ولم تأت بالإفراد ، لتدل على فداحة عاقبة هؤلاء الكفار ، حيث إن الإضلال قد أصاب الأعمال الكثيرة التى قاموا بها ، وكذلك يدل الجمع على أن الأعمال كلها كانت فى الصد عن الدين والكيد للمسلمين.
وفى قوله تعالى "مثل الجنة التى وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير أسن" جاد اللفظ القرآنى غير بدلا من ليس ، وهذا لأن غير تعتبر من أعلى درجات النفى، وهذا يدل على أن هذه الأنهار صافية نقية ليس بها أى شوائب.
وقوله تعالى "كمن هو خالد فى النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم" جاء اللفظ القرآنى سقوا بدلا من شربوا ، مع أنها تعطى نفس المعنى ولكن كلمة سقوا تدل على أن هذا الماء الشديد الحرارة كان هو الشراب الذى يروى عطشهم، وكان شرب هذا الماء ليس باختيارهم .
وقوله تعالى "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" نجد أن كلمة قلوب منكرة ولم تأت معرفة ، لتهويل حالها كأنه قيل على قلوب منكرة مبهم أمرها ، ثم جاءت بعدها كلمة أقفال لتدل على استبعاد فتح هذه القلوب واستمرار انغلاقها.
ومن اللافت للنظر عند قراءة سورة محمد أنها بدأت بالاسم الموصول "اللذين" وهذا غير مألوف ، ولكنه عندما جاء فى بداية الآية أعطى قدرا من المفاجأة لدى المتلقى ، لأن الاسم الموصول يحرك فى النفس ما يشبه التساؤل عن المقصود به.
هذه بعض الصور من العدول فى سورة محمد لتدل على الإعجاز الإلهى فى كل لفظة فى آيات القرآن الكريم.
تعليقات
إرسال تعليق