حب أم ادمان/بقلم الدكتورة :سحر زغلول

كتبت د/ سحر زغلول 
حب ام ادمان ؟؟؟
انتشر في الآونة الاخيرة انواع مختلفة من الادمان ادمان التكنولوجيا ( كإدمان ألعاب الفيديو جيم، أو الألعاب المباشرة على الأنترنت)؛ مخدرات كحوليات ولكن حديثنا عن نوع مختلف من انواع الادمان وهو ادمان الحب
الحب ما اروعه فجمال الحياة يكمن عندما نراها  بعيون من نحب..وعندما يكون الحب  هو الحياة والحياة هي الحب، فلا يوجد حياة بدون أن نكون محاطين بمن نحب، فلا  طعم ولا لون  للحياة دونهم  والحب جنون ورومانسية وشقاوة وتحدي وألوان و أشكال متنوعة كالصداقة  التي  تتطور إلى حب ؛ والحب الروحاني والحب الرومانسي وحب المغامرة والحب العملي الى الحب الجنوني . وتكمن المشكلة في :
اولا هل الحب حقيقى ام ؟؟؟
فلابد ان يكون  الحب حقيقى ..حب ناضج ومتوازن يحفظ للطرفين كرامتهم ،إنسانيتهم ، حرياتهم ويحافظ على نموهم وتقدمهم  فالحب حاجة نفسية تحتاج إلى إشباع باستمرار  وهذا ما نؤكد عليه فى البداية ان غريزة الحب غريزة فطرية فى الانسان تجعله فى ترابط عاطفى مع من حوله
ثانيا .. الميل للجنس الاخر غريزة طبيعية والحب هو وسيلة التعبير عن  هذا الميل للوصول لغاية سامية هى بناء الاسرة واستمرارية الحياة عن طريق الزواج ؛ فأساس قيام الأسرة هو الزواج، فيشكل بذلك الرجل والمرأة جزءان متكاملان أساس العلاقة بينهما المودة والرحمة والسكينة  يتبادلان الحب ويتقاسمان المسؤولية ، وهذا لقوله تعالى:
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْههَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰللِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
وهذا ما يسمى بالحب الايجابى .. او الحب الحقيقى الذى يحفظ للانسان كرامته وانسايته ففيه يذوب كل منهما في الاخر دون ان  يلغى  طرف التانى او يسخره لمصلحته او يكون تابع له .
وحديثنا اليوم عن ما يسمى بادمان الحب الذى يتحول فيه الحب لادمان ..الحب السلبى المدمر الذى يحول مشاعر الحب الى حالة مرضية ويتحول الحبيب الى مريض او مدمن  مما يعنى ان معظمنا  يمارس انواع مختلفة من الادمان
وفيه نكون ضحايا لادمان الحب دون ان ندرى  ..ممكن نشعر اننا فى قمة الحب والسعادة ولكننا  للاسف ضحايا للادمان ..اونعانى من   الفراق والألم العاطفى وهى  من أشد أنواع الألم النفسى ليتحول الحب المختار الى قوة قهرية تلغى الارادة وتقهر وتدفع الشخص لتدمير ذاته دون ادن يدرى ؛ فسمعناعن مجانين الحب والهوى وكيف  عانوا من اثار اللوعة والفراق وقرأنا فى التراث عن جنون الحب وعن قصص قيس وليلى وروميو وجولييت وغيرهم ممن عانوا من الحب ومنهم من ادمن العقاقير و المخدرات ليفقدوا وعيهم والان نرى الانتحار من اجل المحبوب وكذلك صورت لنا الافلام حالة المحب وتدميره بعد فقد حبيبيه وكيف يدمر نفسيا  ويضعف وينهار جسديا  بسبب فقد الحبيب ..والسبب الحقيقى هو  تحوله الى مدمن
وبذلك نقف على حقيقة ادمان الحب وما يعرف ب""كيميا الحب""
 نبحث عن الحب الرومانسي لنشعر بالأمن وقيمة ذاتنا مع الطرف الاخر فنتحول وندمن شخص اخر بنفس طريقة ادمان المواد المخدرة . .كيف؟؟
.. ادمان الحب حالة  جوع عاطفى او احتياج بشكل جنونى  لشخص ما وغالبا ما يكون غير متاح طوال الوقت فيفكر فيه بشكل جنونى يحرمه  من التفكير في نفسه ويفقد كيانه ويصبح تابع لا اراديا للحبيب ..اوحالة تعود على وجود المحب فالتعود من أحد الأسباب التى تزيد من حدة الادمان.ومراحل ادمان الحب تشبه مراحل ادمان المخدرات. فالحب كيمياء ومواد يفرزها المخ توصلنا ل الى الهيام التى يعيشها المحب فيدمن حبيبه .صورته...صوته ..رائحته ..أنفاسه..كل تفاصيله مما ينتج عنه فرط المشاعر بشكل غير منطقى يرفع محبوبه فى أعلى المنازل عنده ولا يرى غيره ..يتفرغ له و يضحى بكل شئ من اجله وأيضا يسقط عليه كل أماله وأحلامه واهتمامه وتخيلاته. والتركيز على هذا المحبوب غالبًا ما يكون هوسًا، فنتائج إدمان الحب على المدمن تثبت أنهم لا يهتمون بأنفسهم بكل الطرق، ويتخلون عن أجزاء مهمة من حياتهم ورفاهيتهم لان الدنيا فى نظرهم لا تعنى اى شىء غير هذا  الشخص وهذا ما يطلق عليه الحب الأعمى ..وفيه يكون ممتلئ بالمشاعر المتناقضة ومشحون بالمعاناة والألم..لأنه ببساطة أدمنه فيرى ان الحياة هى حبيبه فقط ولا قيمة ولا طعم ولا لون للحياه بدون  حبيبه فاذا غاب غابت الدنيا. وما يزيد  الالم والوجع  الشعور بالرفض واللا مبالاة بالمشاعر وعدم الاهتمام او مبادلة نفس المشاعر من الطرف الاخر فيزيد الولع بحب هذا الشخص الذى يرفضك ..
كيف نتحول لمدمنين حب وماهى علاقة القلب بالحب ولماذا  زيادة دقات القلب
 لان ببساطة  للحب تأثير واضح على الهرمونات التي يفرزها الجسم،بزيادة إفراز بعض الهرمونات ونقص في هرمونات اخرى لذا نقول أن الحب له كيمياء خاصة به بسبب النظرة الاولى ، هرمون السعادة،  هرمون الادمان...
 كيف  تحدث  كيميا الحب او ادمان الحب  ؟؟
عند الانجذاب للطرف الاخر يؤثر على الهرمونات بشكل واضح و يبدأ الدماغ إفرازالهرمونات  الأدرينالين والدوبامين ويمر الجسم فسيولوجيا اثناء الحب بثلاثة مراحل هى
1-مرحلة النظرة الأولى يزداد  فيها معدل افراز هرمون الأدرينالين بالجسم المسؤل عن اتساع حدقة العين والتعرق واحمرار الوجه وزيادة ضربات القلب فيعتقد أنه الحب من أول نظره!(السبب زيادة هرمون )
2- مرحلة افراز هرمون السعادة الدوبامين ؛ وفيها يصبح الشخص فى قمة سعادته حينما يرى من يحب فيزداد خفقان قلبه أكثر من ذى قبل .. ويشعر بسعادة عارمة وزيادة شهيته .. بسبب الدوبامين.. وتؤثر ايضا الهرمونات على طريقة التفكير فبيسيطر على الدماغ حالة من التفاؤل ويتخلى عن  التوقعات السلبية (السبب زيادة هرمون)
وتستمر  المرحلتين لفتره مؤقته..بعدها اما ان تختفى كل الاعراض بمعنى انفصال الحبيبان من بداية علاقتهم.. واما يدخلا الى المرحلة الثالثة.مرحلة الخطر .....خلاص انا اصبحت  مدمن .
_3- يزداد افراز الهرمون لنصل لمرحلة الادمان فزيادة الهرمون اثناء حالة الحب. وهذا مؤشر لحالة الادمان الوهمى للحبيب.. التى تصل فيها درجة الحب للجنون . والاستعداد بالتضحية  بأى شئ حتى حياتك (زيادة هرمون)
وعند تغير الحبيب او بعده ...تحدث المشكلة حيث يتعرض الجسم( لنقص افراز الهرمون) فيحدث  رد فعل عكسى للجسم ..فيشعر بالحزن والضيق وتقل شهيته للطعام وممكن تصل لانخفاض فى ضغط دمه واصفرار في الوجه والتوتر والاكتئاب بسبب غياب حبيبه
وعندما يحدث خلل في افراز  الهرمون عن المعدل الطبيعى يصبح  مثل  مدمن المخدرات يهلوس ويعيش فى حالة غير  طبيعية  يعانى من جسم هزيل وضعيف وتبدأ شهيته تنعدم.. يرتعش، يتعرق ،يهلوس ويتعب نفسيا ويغلق على نفسه ويضعف جهازه المناعى بشكل واضح جدا مما يعرضه للعديد من الامراض.. وممكن تصل الحالة للجنون او الاكتئاب او الانتحار كل واحد على حسب ارتفاع نسبة الهرمون ده بجسمه
والسؤال هنا ياترى  المشكلة الكبيره لها حل؟ ام ان كل شخص ارتبط وانفصل سيننتهى به الحال كمدمن المخدرات
بالطبع لا كل مشكلة اكيد لها حل ..ولنطرح بعض الحلول
-لا ننشغل بالبكاء فلابد ان نعى ان الاشياء التي نحبها معرضة للفقدان دوما ولابد ان يعود  الحب من نافذة اخرى بالتاكيد أجمل ليس بالضرورة أن ننتظره على نفس الأعتاب
- واجه نفسك بحقيقة ان الحب انتهى وعليك استبداله  بالأقوى والأكثر قيمة فلا تبحث عن قيمتك فى اعين الناس
فبعض العيون لاتملؤها الا التراب  ..ببساطه من يحب حقيقى لا يفرط فى حبيبه
- الزمن خير علاج فكما خلق لنا الله قلبا نحس به منحنا القدرة على  لنا النسيان
-التخلص  من كل الذكريات المادية والعقلية والهدايا والرسائل ، وابحث عن مصدر سعادة اخر
- خاطب عقلك بمنتهى العقلانية  ان ما يحدث بسبب هرمون بيفرز في جسمك.وان مايحدث مجرد اعراض الانسحاب من هذا الهرمون.ولابد من التغلب على الخلل الهرمونى لنكون طبيعيين ويرجع الهرمون لمعدله الطبيعى
-اللعب ،الرسم ،اتباع نظام غذائى صحى وممارسة رياضة المشى فى الأماكن المفتوحة جيدة التهوية، والتعرض لأشعة الشمس، يسهم فى الحفاظ على نسبة الهرمونات من الانخفاض.
عزيزى ..عزيزتى .. كل الخسائرممكن تعوض الا سنوات العمر التى تضيع بسبب ضياع الحبيب فلو ضاع الحب و تحول لادمان فلابد ان نتخلص من ادمان الحب ؟؟
من أصعب دروس الحياة ان يتعلم الانسان ان يقول وداعا ..و لكن !!!!  عندما لا  يكون هناك بديل للرحيل فعلينا  التخلص من ادمان الحب  بالارادة القوية .. وانت قادر بالتاكيد
وتذكر أنه دائما يبقى الأمل مادامت الحياة ؛ وان تدفن الحب في قلبك اهون من ان تمنحه لمن لا يستحقه  ؛فلن تموت اذا خسرت من تحب ولكن ستعيش كالميت اذا خسرت كرامتك .فافتقاد الآخرين يؤلمنا اما افتقاد انفسنا يكسرنا ..فقد لا نستطيع ارجاع الحياة فى ورود ماتت لكننا نستطيع زرع ورود أجمل .فعودوا قلوبكم الا تبكى خلف مفارق بارادته ..فالذى فارقكم بارادته اختار لكم الالم متعمدااااااااااااا.
د/ سحر زغلول